اقتضى الفصل 227 من م م م ت أن حق القيام بالدعوى المعارضة مختص بالمطلوب ويكنه عرضها ما دامت القضية بصدد التحضير و لا تقبل هذه الدعوى إلا إذا كان المقصود بها الدفاع لرد الدعوى الأصلية أو المقاصة أو طلب غرم الضرر المتسبب عن النازلة.
ولئن لم تطرح الدعوى المعارضة التي تهدف إلى طلب المقاصة الحكمية أو إلى طلب غرم الضرر عن القيام التعسفي إشكالا لوضوح أساسهما فإن الدعوى المعارضة التي تهدف إلى الدفاع لرد الدعوى الأصلية قد أثارت إشكالا في خصوص المقصود بالمدافعة فهل أنها تشمل الرد على الدعوى بتقديم المستندات والحجج التي تقوض أساسها فقط أم أنه يمكن للمطلوب من خلالها توجيه طلبات خاصة به على المدعي؟
يبدو أن الاتجاه الغلب في التطبيق بالنسبة إلى أغلب المحاكم أن المطلوب لا يمكن له توجيه طلبات خاصة على المدعي وأنه لا يمكنه في إطار المدافعة إلا الجواب على الدعوى والدفاع بغاية التوصل إلأى القضاء برفضها أو بعدم سماعها.و أرى أن هذا الاتجاه غير مصيب للأسباب التالية:
أولا : نص الفصل 29 من م م م ت على أنه إذا وقع القيام بدعوى المعارضة لدى قاضي الناحية وكان مقدارها متجاوزا حد ما يحكم به فعليه إعلان عدم اختصاصه بالنظر في الدعويين.ويشتشف من خلال هذه الأحكام أن إقرار عدم إمكان نظر قاضي الناحية في الدعوى المعارضة التي يتجاوز مقدار الطلب فيها مقدار ما يحكم به أن المشرع يجيز تقديم الطلبات المادية وغيرها من الطلبات في إطار الدعوى المعارضة وأنه يجيز لقاضي الناحية أن ينظر في الدعوى المعارضة التي لا تتجاوز مقدار ما يحكم به.كما يفهم منه أنه وبالنسبة إلى المحكمة الابتدائية فإن جواز النظر في الطلبات التي يقدمها المطلوب لا يثير إشكالا طالما كانت ولايتها عامة وغير محددة بمقدار طلبات محددة حسب مقتضيات الفصل 40 م م م ت .
ثانيا:إن سياسة المشرع في مجلة المرافعات المدنية والتجارية واضحة في تجميع النزاعات وعدم تشتيتها ويتجلى ذلك بكل وضوح بالفصلين 26 و27 من م م م ت إذ ينص الفصل الفصل 26
على أنه يمكن أن تكون الدعوى شاملة لعدة فروع ناشئة عن سبب واحد ويقرر الفصل 27 أنه يمكن القيام بدعوى من أشخاص متعددين أو ضد أشخاص متعددين أيضا ذوي مصالح متباينة
ثالثا:إن الحكم بعدم سماع الدعوى في مواجهة المدعي لا ينهي في كل الحالات النزاع بين الطرفين لأن مثل ذلك الحكم ينفذ صوريا لأنه لا يشتمل على إجبار بالقيام بعمل أو بالتعويض و عادة ما يلجأ المطلوب في الدعوى المقضي فيها بعدم سماع الدعوى إلى القيام في صورة تواصل النزاع بقضية جديدة الهدف فيها الحكم على المطلوب بالاستحقاق و بكف شغبه على محل النزاع المضبوط بتقرير الاختبار. ولا تثار هنا كما قد يتبادر إلى الذهن في أول مرة مسألة اتصال القضاء باعتبار أن من له المصلحة في إثارتها فعلا هو القائم بالدعوى أما المطلوب فإنه لا يثيرها لأنها تتعلق بمصالح الخصوم فقط ولا تثيرها المحكمة من تلقاء نفسها فيكون التداعي فرصة جديدة له لإثبات ما له من الحقوق على محل النزاع .
وإن تكريس إمكانية مطالبة المطلوب بالحكم له بأصل الحق أو بشيء منه هو السبيل الوحيد لتجنب مثل تلك الوضعيات التي قد تؤدي إلى تضارب الأحكام